عمار دجلة قيد الدّراسة بهدف التّرقية معلوماتاضافية
انا من : العراق الجنس : العمر : 40 عدد المواضيع : 242 عدد المساهمات : 293 | موضوع: وفد تجيب ( احمد بن عبدالله الباتبلي ) الأحد أغسطس 29, 2010 7:54 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيمالمقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وآله وصحبه أجمعين.وبعد:فالسيرة النبوية مرتع خصب، ومعين عذب لكل من قرأها وحرص على الاستفادة منها في تحقيق القدوة المثلى في أسمى معانيها.وذلك لما حوته من تصوير لحياة نبينا محمد r.ولما سطرته من مواقف أصحابه الرائعة. أولئك قوم شيد الله ذكرهم
| | فما فوقه فخر وإن عظم الفخر
|
وإن من المواقف الهامة في السيرة مواقفه r وأخباره مع الوفود التي قدمت عليه، لا سيما بعد فتح مكة.ومن الوفود التي سر بها النبي r وأكرم وفادتهم، وكان لهم معه حوار استقيت منه أحكام وآداب كثيرة «وفد تجيب» الذين قدموا من اليمن فقمت بإفراد خبرهم في هذا الكتيب الموجز، وعلقت على ما يستلزم التعليق، ثم خرّجته مما استطعت الوقوف عليه من مظانه المتقدمة أو المتأخرة، وأخيرًا ذيلته بذكر الأحكام والفوائد المستنبطة منه، فسردتها في عرض موجز تغني فيه الإشارة عن طول العبارة.أسأل الله الكريم أن ينفع به، ويرزقه حسن القبول والله من وراء القصد.وصلى الله وسلم على محمد..وكتبهاأبو أسامة أحمد بن عبد الله الباتليالرياض- في غرة جمادى الأولى من عام 1412هـتمهيدعام الوفودلما أتم الله تعالى لنبيه محمد r «فتح مكة» وإسلام أهلها سقط بذلك أكبر معقل للشرك في الجزيرة العربية، وذلك لما تتمتع به «مكة» من منزلة دينية حيث تحوي الكعبة المشرفة التي يحج إليها الناس كل عام، وسلطة قبلية لقريش وساداتها حيث تبوؤا الذؤابة بين العرب آنذاك.فرأت قبائل الجزيرة أن الإسلام حق، وأن ما وعد به محمد أصحابه صدق قد تحقق بفتح مكة وانتشار الإسلام بين جنباتها.فانجلى عن أذهانهم ما كان يدور فيها من شك حول صدق نبوة محمد فاستعدوا لإعلان إسلامهم ومبايعة النبي r.فجهزت كل قبيلة وفدًا ([1]) من كبار ساداتها للقدوم على النبي r.فتتابعت الوفود في العام التاسع للهجرة حتى سُمى «عام الوفود» قال الإمام ابن هشام ([2]):«ذكر سنة تسع وتسميتها سنة الوفود».قال ابن إسحاق ([3]) لما افتتح رسول الله r مكة، وفرغ من تبوك وأسلمت ثقيف وبايعت، ضربت إليه وفود العرب من كل وجه.. وإنما كانت العرب تربص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش وأمر رسول الله r، وذلك أن قريشًا كانوا إمام الناس وهاديهم، وأهل البيت الحرام، وصريح ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وقادة العرب لا ينكرون ذلك وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رسول الله r وخلافه، فلما افتتحت مكة، ودانت له قريش ودوّخها الإسلام وعرفت العرب أنه لا طاقة لهم بحرب رسول الله r ولا عداوته فدخلوا في دين الله أفواجا يضربون إليه من كل وجه. اهـ.عدد الوفود:اختلف في عدد الوفود فقيل: إنهم مائة وفد ([4])، وقيل بل فوق السبعين ([5])، وقيل: بل فوق الثلاثين ([6]).ولعل الخلاف في عددهم راجع إلى عدم ذكر بعض أهل السير لكافة أخبار الوفود بل يقتصر على بعضها ممن اشتهر أمرهم، وكثرت الفوائد في وفادتهم أو لأن بعضهم لا يعد من الوفود إلا من كثر عددهم. أسباب قدوم الوفودوهدي النبي r عند استقبالهمكانت الوفود تأتي لإعلان إسلامها، ومبايعة النبي r عن قبائلهم ويمكث بعضهم عنده أيامًا للتفقه في الدين، ورواية بعض الأحاديث وتبليغها لقومهم. وكان r يكتب مع بعضهم كتابًا إلى قومهم. وكان إذا قدم عليه الوفد لبس لهم أحسن ثيابه ويحسن استقبالهم، ويكرم وفادتهم، ويأمر أصحابه بذلك ([7]).ولا شك أن لذلك أكثر الأثر في نفوسهم ([8]).ومن الوفود التي قدمت على النبي r في تلك السنة، وكان في وفادتهم كثير من الأحكام والآداب.وفد تُجيب([9])وقدم عليه r من السكون([10]) ثلاثة عشر رجلاً قد ساقوا معهم صدقات أموالهم التي فرض الله عليهم، فسرَّ رسول الله r بهم. وأكرم منزلهم. وقالوا يا رسول الله سقنا إليك حق الله في أمولنا فقال رسول الله r: «ردوها فاقسموا على فقرائكم» قالوا: يا رسول الله ما قدمنا عليك إلا بما فَضُل عن فقرائنا، فقال أبو بكر: يا رسول الله ما وفد من العرب بمثل ما وفد به هذا الحي من تجيب، فقال رسول الله r «إن الهدى بيد الله عز وجل، فمن اراد به خيرًا شرح صدره للإيمان» وسألوا رسول الله r أشياء، فكتب لهم بها، وجعلوا يسألونه عن القرآن والسنن، فازداد رسول الله r بهم رغبة، وأمر بلالاً أن يحسن ضيافتهم، فأقاموا أيامًا ولم يطلبوا اللبث فقيل لهم: ما يعجبكم؟ فقالوا نرجع إلى من وراءنا فنخبرهم برؤيتنا رسول الله r وكلامنا إياه، وما رد علينا، ثم جاؤوا إلى رسول الله r يودعونه، فأرسل إليهم بلالاً. فأجازهم بأرفع ما كان يجيز به الوفود قال «هل بقي منكم أحد؟» قالوا نعم غلام خلفناه على رحالنا هو أحدثنا سنا، قال «أرسلوه إلينا» فلما رجعوا إلى رحالهم، قالوا للغلام: انطلق إلى رسول الله r فاقض حاجتك منه، فإنا قد قضينا حوائجنا منه وودعناه، فأقبل الغلام حتى أتى رسول الله r فقال: يا رسول الله إن امرؤ بني أبذى([11]) من الرهط الذين أتوك آنفًا، فقضيت حوائجهم، فاقض حاجتي يا رسول الله؟ قال: «وما حاجتك؟» قال: إن حاجتي ليس كحاجة أصحابي. وإن كانوا قدموا راغبين في الإسلام، وساقوا ما ساقوا من صدقاتهم. وإني والله ما أعملني ([12]) من بلادي إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لي ويرحمني، وأن يجعل غناي في قلبي، فقال رسول الله r وأقبل إلى الغلام «اللهم اغفر له وارحمه واجعل غناه في قلبه»، ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من أصحابه، فانطلقوا راجعين إلى أهليهم، ثم وافوا رسول الله r في الموسم بمنى سنة عشر ([13]) فقالوا نحن بنو أبذى، فقال رسول الله r: «ما فعل الغلام الذي أتاني معكم؟» قالوا يا رسول الله ما رأينا مثله قط، ولا حدثنا بأقنع منه بما رزقه الله، لو أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر نحوها ولا التفت إليها، فقال رسول الله r: «الحمد لله إني لأرجوا أن يموت جميعًا»([14]) فقال رجل منهم: أو ليس يموت الرجل جميعًا يا رسول الله؟ قال رسول الله r «تشعب أهواؤه وهمومه في أودية الدنيا فلعل أجله أن يدركه في بعض تلك الأودية فلا يبالي الله عز وجل في أيها هلك» قالوا فعاش ذلك الغلام فينا على أفضل حال، وأزهده في الدنيا، وأقنعه بما رزق، فلما توفى رسول الله r، ورجع مع من رجع من أهل اليمن عن الإسلام، قام في قومه، فذكرهم الله والإسلام فلم يرجع منهم أحد، وجعل أبو بكر الصديق يذكره ويسأل عنه حتى بلغه حاله، وما قام به، فكتب إلى زياد بن لبيد ([15]): يوصيه بن خيرًا ([16]). |
|