حين يتم تناول العلاقة العكسية بين زيادة التدخين والقدرة الجنسية والإنجابية للرجل.. تطرح على الفور وجهات نظر متشككة في وجود هذه العلاقة من الأصل، ويستند أصحاب هذه الآراء إلي أن هناك مئات من الملايين من المدخنين الذين يمارسون حياتهم الزوجية وينجبون بلا مشاكل، فأين تأثير السيجارة العكسي الذي يفترضه الأطباء؟
الواقع أن طرح السؤال أو وجهة النظر بهذه الصيغة يشوبه قدر كبير من عدم الفهم وسوء التقدير البالغ، إذ لم يقل أحد من قبل بأن من يدخن سيجارة صباحا لن يستطيع ممارسة حياته الزوجية مساءا، أو ستشل قدرته علي الإنجاب بعد فترة وجيزة، لكن ما تؤكده الدراسات أن التدخين طويل المدى لسنوات طويلة يعمل علي تخفيض قدرة الرجل الجنسية والإنجابية بشكل أمكن قياسه، لكنه لم يصل إلي حد إفقاده كل قدراته تماما وبشكل نهائي، والخطورة ليست في أن التدخين في حد ذاته يخفض قدرة الرجل بنسبة مئوية قليلة ويترك له الباقي، ولكن الخطورة تتمثل في أن الانخفاض يظل مستمرا، وإن كان بطيئا إلي حد كبير، وبالتالي فإنه طالما أن تأثير السيجارة ليس حادا وفوريا، فإنه لا يمكن إزالته بشكل جذري وفوري أيضا، وإنما لابد من أخذ وقت طويل ومعدل بطيء كي تتلاشي آثاره، فضلا عن أن الانخفاض الذي تحدثه السيجارة إذا ما أضيف إلي انخفاضات أحدثتها عوامل أخري كالأدوية الخاطئة والضغوط النفسية والمتاعب الصحية الأخرى في الجسم، سيعمل في النهاية علي نشأة وضع غير مرض بالنسبة للرجل، وصعب حله أو تفاديه، وتؤكد العديد من الأبحاث المنشورة في المجلات العلمية العالمية أن التدخين يضعف القدرة الجنسية للرجل، وتشتد خطورة التدخين مع شرب الخمور والكحوليات حيث تقل قدرة الحيوانات المنوية علي الإخصاب لتكون نسبتها لدي المدخنين واحد إلي أربعة لغير المدخنين، أي أن السيجارة طبقا لهذه الإحصائية قد تفقد الرجل ثلاثة أرباع قدرته الجنسية عند مقارنته بمن لا يدخنون بسبب التأثير علي الأوعية التناسلية، وكشفت الفحوص والتحاليل الطبية الحديثة عند إجراء الحمل بالوسائل المساعدة أن التدخين يلعب دورا خطيرا في نقص الحيوانات المنوية للرجل وضعف حركتها وتشوهاتها، وبمجرد التوقف عن هذه العادة السيئة تتحسن حالة أكثر من 20% من مرضي العقم.. كما أن التدخين يؤدي إلي مضاعفة نسبة الإصابة بأورام الجهاز البولي السرطانية وعند استئصال المثانة والبروستاتا جذريا يتعرض عدد كبير من المرضي لفقد القدرة الجنسية.
وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلي أنه ينتج عن التدخين آثار صحية متعددة تصل إلي الجهاز التناسلي والبولي للمدخن حيث أثبتت الأبحاث أن التدخين يؤثر علي الأوعية الدموية للأعضاء التناسلية وأوردتها ويمكن أن يؤدي ذلك بعد فترة لحدوث قصور في الدورة الدموية ينتج عنه قصور جنسي للرجل، ففي بحث طبي حديث نشرته المجلة الدولية الأوروبية للمسالك البولية والتناسلية ثبت أنه يوجد علاقة قوية بين عادة التدخين والضعف لدي الرجال حيث أجريت الدراسة علي 600 مريض، وفي دراسة أخري علي 40 مريضا يعانون من الضعف أجريت لهم فحوص طبية كاملة وتقييم الأوعية الدموية، والفحص بالموجات فوق الصوتية وجد أنه يوجد ثلاثة عوامل أساسية تؤثر علي الأوعية الدموية علي رأسها التدخين والبول السكري وضغط الدم العالي، وكلما اجتمع أكثر من عامل من هذه المؤثرات تكون الحالة المرضية شديدة.
وقد ثبت وجود علاقة قوية بين تدخين أكثر من 20 سيجارة في اليوم لعدة سنوات وتصلب الشرايين الرئيسية للأعضاء التناسلية وتم تصوير هذا التصلب بالأشعة.. ويتعدي تأثير التدخين علي الأعضاء التناسلية إلي السائل المنوي حيث وجد من الدراسات التي أجريت في السويد علي 200 مدخن أن المواد التي تحتويها السيجارة تؤثر علي شكل هذا السائل وعلي عدد الحيوانات المنوية وقدرتها.
والتدخين ضار بعملية تصنيع الحيوانات المنوية بالخصيتين لأن السجائر تحتوي علي مواد سامة وخطيرة تؤثر بالسلب علي الخلايا، كما تؤثر علي الأوعية الدموية المغذية للخصيتين، وحقيق أن كثيرًا من المدخنين لديهم أولاد ويتمتعون بخصوبة عالية لكن في نسبة معينة، فإن بعض هؤلاء الرجال لديهم حساسية شديدة لمكونات التبغ فيؤدي إلي التأثير الشديد علي خصوبة الرجل حيث تضعف الحيوانات المنوية ويتشوه كثير منها.
وفي بحث أجري علي 30 حالة من المدخنين مصابين بالعقم لقلة الحيوانات المنوية لديهم ثبت أن التوقف عن التدخين لمدة 6 أشهر أدي لتحسن عدد وحركة الحيوانات المنوية تحسنت وارتفعت إلي 35%